هذه المقالة نشرتها قبل أكثر من أربع سنين، وأعيد نشرها اليوم في ظل الفتنة التي تحيط بالعرب والأتراك جميعا في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية التي ينبغي ألا نغفلها ونحن نشاهد فتنة العنصريين تحرق المجتمعين التركي والسوري.
على إثر اجتماع القمة في ماليزيا بادرت إيران لقطف ثمار مشاركتها، كانت أولى الخطوات العملية توقيع اتفاق “تبادل ديني وثقافي” بين المؤسستين الدينيتين في تركيا وإيران، إذ مثَّل الجانب التركي في ذلك رئيس الشؤون الدينية التركية البروفيسور علي آرباش، ومثل الجانب الإيراني رئيس وحدة الاتصالات والثقافة الإسلامية الإيرانية أبوزر إبراهيمي تركمان.
قابل الشعب التركي هذه الاتفاقية بالرفض وطالب باستقالة رئيس الشؤون الدينية، فما كان من رئاسة الشؤون إلا أن أصدرت بيانا تؤكد فيه أن ما شاع من استقدام محاضرين إيرانيين إلى الجامعات التركية ليس صحيحا، وأن كل ما نصت عليه الاتفاقية لا يعدو أن يكون بذل جهود مشتركة لإقامة مسابقات قرآنية ومحاربة الخوف من الإسلام، بالإضافة إلى تنظيم برامج ثقافية إسلامية في مجال الحضارة والفقه الحديث والحج وترجمة الكتب الشيعية والسنية، وتوحيد الجهود لحل مشاكل الأمة عموما والقدس خصوصا. “فقط لا غير” كما يقول حال البيان.
إن بيان رئاسة الشؤون الدينية الذي حاول تخفيف غضب الشارع التركي لَيَدُلُّ على بساطة شديدة ما زالت تسيطر على بعض رجال الدين في تركيا رغم كل الحريق الإيراني الذي عم المنطقة.
إن ما رأته رئاسة الشؤون التركية الدينية “اتفاقيات ثقافية بسيطة” يعتبر بالنسبة لإيران الخطوة الأولى نحو اختراق بلد كامل، ثم حرقِه واحتلاله، فكيف ستخترق إيران المجتمع التركي لتسيطر عليه لاحقا؟
منطلقات وآليات المشروع الإيراني:
إن الفرق الأساسي في هذا الاتفاق يتمثل بكون “إيران” كدولة، تملك خططا حاضرة ومجرّبة وذات بعد تاريخي لاختراق المجتمعات السنية، بينما لا تملك أي دولة سنية في المنطقة أي نوايا أو خطط لاختراق المجتمعات الشيعية، وهذا واقع مشاهد لا يحتاج إلى تدليل.
بمراقبة السياسة الشيعية الإيرانية ودراستها نجد أن خطة الاختراق الإيراني لشعوب المنطقة تعتمد على مجموعة من المنطلقات والوسائل المتكرّرة التي توفر لها القدرة على اختراق أي مجتمع سني.
إن منطلقات الاختراق الإيراني التي تكفل لها النجاح أربعة، هي:
1- التخطيط طويل الأمد.
2- غفلة الشعوب المجاورة لهم وحسن نواياهم تجاه إيران وفرق الشيعة المرتبطة بها.
3-بناء شبكة علاقات براغماتية مع زعماء دول الجوار وأحزابها السياسية وجماعاتها الدينية والعلمية والقومية.
4- استغلال الفوضى في الدول المستهدفة.
إن الأسس السابقة التي ينطلق منها المشروع الإيراني تعمل عبر أربعة محاور أيضا، هي: المحور السياسي والعسكري والاقتصادي والاجتماعي، وهذا الأخير أهمها.
في حين يتمتع رجال الدين الأتراك بالتهذيب الشديد والبساطة في التفكير وحب التودد إلى الآخر، ويتمتع العلماء العرب بحسن النية تجاه الشيعة؛ فإن رجال الدين الإيرانيين يتمتعون بقدر كبير من التربية الاستخباراتية والسياسية والبراغماتية، فبينما يأتي رئيس الشؤون الدينية التركية بحقيبة فارغة ويغرق في تنقيح تفاصيل اتفاق عادل؛ فإن الفريق الإيراني يأتي بحقيبة تحمل خريطة اجتماعية عن كافة مكونات المجتمع التركي، تقسِّم المجتمع التركي بحسب مقتضيات التبشير الشيعي إلى صديق وعدو ومحايد سلبي وإيجابي، ويراقب أثناء توقيع الاتفاق كل الجالسين وهو يحاول وضع تقييم لكل منهم بحسب قابليته لخدمة المشروع الإيراني والعمل فيه، ولا ينتهي الاجتماع حتى يخرج بتقرير متكامل عن شخصية كل شخص يتضمن طريقة تفكيره ومستواه الثقافي وأفضل الطرق المادية أو المعنوية الكفيلة بجعله مطية للمشروع الإيراني.
قابلية المجتمع التركي للاختراق:
أدرّس اللغة العربية والعلوم الإسلامية في تركيا منذ عشر سنوات ولي فيها من الطلبة الأتراك ما يجاوز الألفين، كثير منهم يدرُسون اليوم في الجامعات، أو هم مدرّسون في المدارس الإسلامية. ومن خلال خبرتي في المجتمع التركي وطلابي وأصدقائي لاحظت فراغا رهيبا في الفكر الديني لدى الجماعات الإسلامية السنية في هذه البلاد، إذ يقضي طلابهم سنوات طويلة في قراءة النحو والصرف والمنطق والفقه وأصوله، ولا يملكون أثناء دراستهم أيا من المؤطرات الفكرية للشخصية الإسلامية السنية التي تبنى على قراءة التاريخ الإسلامي والفكر السني المعاصر، وفقه الطوائف والأديان والجدل العقدي والفلسفي.
إن التكوين الديني للمجتمع التركي يعتبر في غاية البساطة يتكون من فكر إسلامي صوفي متسامح، وثقافة فكرية إسلامية بسيطة قوامها الحرقة الإسلامية والآداب السلوكية التي يشتهر بها الصوفية عامة تتمثل بتعاليم الإمام الرباني وكتب الشيخ سعيد النورسي وأشعار نجيب فاضل وآثار جلال الدين الرومي، أو بابان زاده ومصطفى صبري وحمدي يازار وعلي عزت بيجوفيتش.
إن ضعف مكونات الثقافة الإسلامية تجعل التركي المتدين لا يفرق بين الأفكار الصادرة عن التبشير الشيعي المرتقب وتلك الصادرة عن المكون السني الذي ينتسب إليه، ونظرا للجهل بثوابت وحدود التكوين السني بسبب الانقطاع عن مصادر الفكر الإسلامي المعاصر المكتوبة بالعربية فإنه من اليسير أن يتحول المتدين التركي إلى شيعي دون أن يشعر أنه كذلك، فالأتراك يدرسون اللغة العربية القديمة لفهم كتب النحو والصرف وأصول الفقه، أو يدرسون المحادثات اليومية البسيطة ليتواصلوا مع العرب، ولا يملكون دراسات لغوية أكاديمية كافية تمكنهم من قراءة منتجات الفكر الإسلامي المعاصر باللغة العربية، خاصة ما يتعلق بالصراع السني الشيعي. فرغم اهتمام الجامعات التركية بالدراسات الشيعية التاريخية إلا أنها تعاني من غياب الدراسات الشيعية المعاصرة، أو المتعلقة بفرق العلوية في تركيا.
إن هذا لا يعني غياب الشريحة المفكرة والواعية في المجتمع التركي تماما، فهي موجودة ولها أعلام معروفون ولكنها قليلة، ولا تملك خبرة تمكنها من مواجهة الأخطبوط الإيراني ذي الأذرع المتعددة، ومن يملك الخبرة في ذلك لا يملك أدوات المواجهة بسبب ضعف التنسيق بين قيادة الدولة ورجال العلم في تركيا، واعتمادها بدلا من ذلك على بعض المستشارين السياسيين والإعلاميين والعسكريين ممن يفتقدون للخبرة التاريخية والمعرفة المعاصرة، التي تخبرنا أن التاريخ يتكرر وأن الفرس وطوائف الشيعة في عصرنا يستخدمون الأدوات ذاتها التي استخدمتها طوائف الباطنية والفاطميين قبل ألف سنة، وطرقهم الصوفية الشيعية أيضا ضمن الدولة العثمانية، التي نظمت ثلاث انقلابات، عن طريق الحروفيين والقلندية والبكتاشية الانكشارية.
شرائح المجتمع التركي:
إضافة إلى المكون الثقافي البسيط للمجتمع التركي، فإن فيه خمس شرائح تيسر للإيرانيين عملية اختراق المجتمع والسيطرة عليه:
الأولى: الطائفة العلوية، ونسبتهم في المجتمع التركي تقارب 20% العشرين بالمائة يتوزعون على القوميات الثلاث الكردية والتركية والعربية، ورغم اختلاف عقائدهم عن الإيرانيين فإن إيران لديها قدرة كافية لتطويعهم في خدمة مشروعها، فقد نجحت قبل ذلك بتطويع يزيدية اليمن وإسماعيلية باكستان وعلوية سوريا رغم الفوارق العقدية الكبيرة بينهم وبين الإمامية الجعفرية التي يحملها الإيرانيون. هذا عدا الطائفة الجعفرية التركية التي تتواجد في مدن عدة وما زال ولاؤها لإيران، وما زالت أئمة مساجدهم تدرس في إيران، وتشعر بالولاء للولي الفقيه أكثر من ولائها للدولة التركية. فوزارة الشؤون الدينية التركية مقصرة جدا في التواصل معهم كتقصيرها في التواصل مع المجتمع الديني العلوي داخل تركيا.
الثانية: القرآنيون، وهم طائفة من المفكرين الإسلاميين الحداثيين الذين يعتمدون القرآن فقط في تفسير الإسلام وينكرون السنة، ويقضون معظم وقتهم في نقض التراث السني فقها وحديثا وتفسيرا وتاريخا، وهم يشتركون مع رجال الدين الشيعي في هذا القدر فهم على تقارب فكري كبير معهم، كما أن كثيرا من أبناء هذا التيار على صلة بعلماء إيران، ويستمدون مجموعة من أفكارهم من الفلاسفة الإيرانيين المعاصرين.
إن القرآنيين والإسلاميين الحداثيين الذين يحملون أفكارا مضادة لأهل السنة يمثّلون نسبة كبيرة جدا في تركيا، إذ يتجاوز عددهم فيها عديدهم في الدول العربية مجتمعة، ويشغلون مناصب كبيرة في معظم كليات الإلهيات والتاريخ والأديان والفلسفة والمراكز الإسلامية والإعلام المرئي. ولا تحتاج إيران أكثر من تقارب بسيط معهم وتوجيه نقدهم نحو نقاط خاصة في الفكر السني تمت تجربتها عدة مرات ليكون سقوطها الخطوة الأولى نحو قبول العقيدة الشيعية والأفكار الباطنية.
الثالثة: يغلب على المجتمع التركي الطرقية الصوفية، وهذا لا يشكل كبير مشكلة من حيث الأصل، لأن لأهل السنة منهجهم الصوفي الأصيل، ولكن الواقع أن كثيرا من هذه الطرق توغِل في المعاني الصوفية على حساب الفكر العلمي السني، مما يجعل اختراقها سهلا جدا، والإيرانيون لهم تجربة في استغلال حب الصوفية للنبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته لتحويله إلى حب شيعي يصل بهم إلى شتم معاوية أولا ثم باقي الصحابة للوصول إلى أبي بكر وعمر رضي اللهم عنهم أجمعين، وإن الجماعات الصوفية التي لا تملك ذخيرة معرفية وفكرية تمكنها من تمييز حدود الاختلاط بين ما هو من التصوف السني، وبين ما هو من الفكر الشيعي أو الباطني من اليسير جدا أن تسقط في المشروع الإيراني، كما سقطت الكثير من الطرق الصوفية السورية في يد الباطنية العلوية، لدرجة أن كثيرا من أتباعها يعتقدون أن بشار موكلا من الله لحماية الإسلام، وأنه يجب عليهم أن ينصروه، وأن يحاربوا كل من عاداه، من الثوار السوريين أو من الدول التي تحارب الإسلام، ومنها: تركيا، بحسب الأفكار العلوية الباطنية التي تسربت إليهم في ظل نظام الأسد.
الرابعة: الجماعات السلفية المتطرفة. في تركيا العديد من الجماعات السلفية التي تحمل أفكارا تكفيرية خطيرة، لا تشبه السلفية العلمية المقبولة عند أهل السنة. وهذه التجمعات التكفيرية نشطة في مجال التبشير بمنهجها المتطرف، ولهم مراكز في كل مكان في المدن التركية تنشط بشكل مدروس وهادئ مستغلة هامش الحرية الموجود في تركيا، وقد شارك الكثير من أبناء هذه التجمعات في تنظيمات جهادية سلفية عدة في سوريا فانضم بعضهم لداعش وبعضهم للنصرة أو لجماعة أنصار السنة وفجر الإسلام، وبعض هذه الجماعات عملت على تدريب المنتسبين إليها عسكريا في سورية في مخيمات مغلقة وخاصة بهم ثم أعادتهم إلى تركيا.
ومما يزيد خطر هذه التجمعات احتواء الأراضي التركية لكثير من المعارضين السلفيين من الطاجيك والتركستان والداغستان والأذر، ولهم تأثير واضح على المجتمع التركي من خلال استغلال المظالم التي تتعرض لها المجتمعات المسلمة لتجنيد الشباب التركي في تنظيماتهم المتطرفة.
ومن خلال دراستي للمجتمعات التي اخترقتها إيران في العقود الماضية وجدت التالي: عندما يقرر الإيرانيون دخول بلد ما، فإنهم يقومون بتحريك هذه الجماعات التكفيرية السنية عبر خيوط خفية وقيادات تابعة لهم – استخدموها سابقا مع كافة تنظيمات القاعدة في العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان وباكستان – لتكون أكثر نشاطا وتطرفا، فيحققون لها ثلاثة أهداف:
1- إظهار المنهج السني منهجا متطرفا باعتبارهم ممثلين حقيقيين للمنهج السني المتطرف في مقابل التبشير الشيعي المتسامح والداعي إلى المحبة. ثمَّ كردة فعل على التبشير الشيعي تبدأ هذه الجماعات بإشهار فتاوى تكفّر الشيعة والعلوية، فيبدأ الشيعة بالشعور بالخوف، وهنا يظهر رجال الدين الإيرانيون بدور المنقذ الذي حذرهم سنوات من التطرف السني الخفي الذي ينوي ذبحهم، فيضطرون للالتفاف حول ولاية الفقيه والدخول في المشروع الإيراني، وقد استخدمت إيران جماعة القاعدة في العراق لإجبار الشيعة العرب على طاعتها، وتصفية من يرفض ذلك، وقد جرب الأسد والمالكي ذلك في سوريا عبر إطلاق سراح التكفيريين من سجون صيد نايا والعراق، لكي لا يبقى للعلوية وللأقليات في سوريا خيارا في الثورة إلا الدفاع عن آل الأسد أو الموت ذبحا على يد هؤلاء التكفيريين. وقد جرّبت إيران هذه الخطة مع الزيدية في اليمن وفي غيرها من البلدان.
2- عندما تأخذ هذه الجماعات التكفيرية مركزا متقدما في المجتمع السني بتصويرها المدافع الأول عن الخصائص السنية في مواجهة التبشير الشيعي، وعملائه من الصوفية والماتريدية والأشعرية؛ وهكذا تبدأ هذه الجماعات المتطرفة بمحاربة باقي مكونات التيار السني الذي تكنّ له عداء عميقا من خلال رفضها للفقه المذهبي أو المنهج الصوفي أو الفلسفي والفكري لأهل السنة واعتبار كل ذلك أباطيل. وهنا يتشقق المجتمع السني على نفسه بينما ينتشر التشيع بشكل منظم في كل مكان.
3- وعندما يحدث أي فراغ أمني أو سياسي في تركيا فإن هذه الجماعات تحمل السلاح وتحول فكرها الدموي إلى واقع، وفي حال ظهور أي حركة اجتماعية لإصلاح الوضع فإن نجاح ذلك يكون في خانة المستحيل فقد رأينا ما فعلت هذه الجماعات التكفيرية في المجتمعات السنية في الصومال وأفغانستان والعراق وباكستان واليمن وأخيرا في سوريا عبر داعش وجبهة النصرة، إذ الفكر الذي تقوم عليه يحتم عليها قتال المرتدين والكافرين من أهل السنة أولا.
الخامسة: توجد في تركيا بعض الأحزاب والجماعات الإسلامية السنية، الذين استمالتهم إيران منذ عدة عقود، ففي شرق تركيا جماعات معروفة في الأوساط الإسلامية التركية كانت على فكر الإخوان المسلمين أو المنهج العلمي البحت أو بعض مناهج الإسلام السياسي المتشدد، عملت إيران على مساعدتهم أحيانا وعلى عقد علاقات اجتماعية جيدة معهم، ومع طول التواصل تأثروا بالنهج الديني الإيران رغم حفاظهم على الأصول العلمية لأهل السنة.
وإذا أضفنا إلى ذلك كون الإيرانيين أنشط جنسية أجنبية في تملك العقارات في تركيا، وخاصة في المدن الساحلية، نستطيع أن نحصل على تصور مبدئي للأوراق التي ستلعبها إيران في السنوات القليلة القادمة على الأراضي التركية.
ختاما:
عادة ما يستخدم الإيرانيون ثلاث وسائل رئيسة في عملهم على المحور الاجتماعي والديني تكون كفيلة باختراق أي مجتمع يستهدفونه هي: العمل الخيري والغزو الفكري والمراكز التعليمية. وقد وفرتها اتفاقية رئاسة الشؤون الدينية التركية بوضوح وبشكل قانوني زيادة على ما هي موجودة عليه في الواقع.
إن الإيرانيين يملكون تجارب طويلة في اختراق مجتمعات أكبر منهم عددا فقد جربوا ذلك في باكستان وبنغلادش والهند وإندونيسيا وإفريقيا ونجحوا في ذلك، وكانت خطوتهم الأولى تتضمن: العمل الخيري والغزو الفكري والمراكز التعليمية، وقد وفرتها لهم اتفاقية رئاسة الشؤون الدينية التركية بوضوح وبشكل قانوني. وهم جاهزون دائما يحملون خططهم الاستراتيجية في حقائبهم ويرسلون رجال الاستخبارات والعمليات العسكرية بهيئة رجال دين يحملون المصاحف بأيديهم والخناجر الغادرة تحت عباءاتهم، ولا يمكن مواجهتهم بالحرب أبدا فهم همجيون إلى حد يفوق الوصف ولا توجد في منطقتنا بعدُ قوة قادرة على مواجهتهم، لكن المقاطعات والحصار والحذر الشديد والحرب الباردة وسائل كفيلة بمحاصرتهم ومنعهم من التمدد خارج السدود الإيرانية، فهم يأجوج ومأجوج المنطقة أي سد يفتح أمامهم يعني تدفق الإرهاب والدم والقتل باسم الإسلام وآل البيت الكرام.
وإذا ضممنا إلى الصورة مشهد الانقسام العربي التركي الذي أججته أحزاب تركية متطرفة؛ نستطيع أن نعرف الأيادي الخفية التي تلعب بالمشهد التركي العربي. فالشرق الأوسط تملؤه أربع قوى إقليمية، هي: الترك والعرب والفرس واليهود، قرر النظام العالمي – الذي يعمل على الانسحاب من المنطقة – تقسيمه بين الإيرانيين والإسرائيليين المختلفين دائما على حصص التقسيم، وحتى يتم ذلك ينبغي أن تزداد الفتنة بين العرب والترك، وبين الكرد والعرب والترك، وكذلك بين السوريين والأتراك، ثم الأتراك ودول الخليج على وجه الخصوص.
فهل سنستمر تركا وعربا وكردا في غفلتنا ونجد بلداننا واقعة تحت الاحتلال الإيراني والإسرائيلي، أو سنصحو ونتدارك أخطاءنا؟ وهل ستستمر خطة تعويم نظام الأسد الذي يعتبر أداة مهمة ضمن مشروع التقاسم الإسرائيلي الإيراني؟ أو سنصحو قبل أن نكون الشعب الذي قتل نفسه بخنجر نفسه، وركب رأسه فهلك.