[ المقالة ]

قلمك الساحر بين الإبداع والتحليل

لقطة شاشة 2024-05-19 015537

كتابة المقالات هو فن يجمع بين الإبداع والتحليل، ويعتبر مهارة مفيدة وممتعة في آن واحد. وتتضمن عملية كتابة المقالات إنشاء نصوص تتناول موضوعات مختلفة بأسلوب علمي ومنهجي، بهدف إقناع القارئ، أو إثراء معلوماته، أو توضيح رأي الكاتب.

في هذا السياق، يلعب الإبداع والتحليل دوراً حاسماً في إنتاج محتوى مقالة ذات جودة عالية وجاذبة، فالإبداع يساهم في تقديم الأفكار الجديدة والمبتكرة، ويساعد في إضفاء جوٍ ممتع على النص، بينما يسهم التحليل في توثيق الأفكار ودعمها بالمعلومات والأدلة الدقيقة.

تتطلب كتابة المقالات مجموعة متنوعة من المهارات، مثل مهارات البحث للحصول على المعلومات اللازمة، ومهارات التحليل لفهم البيانات والمعلومات المتاحة، ومهارات التنظيم لتنسيق الأفكار وترتيبها بشكل منطقي، ومهارات التعبير للتواصل الفعّال للأفكار، ومهارات التدقيق للتأكد من صحة وسلامة النص، وأخيرًا مهارة إعادة إنتاج المعرفة بقالب آخذ وآسر.

باختصار، كتابة المقالات هي عملية متعددة المهارات تجمع بين الإبداع والتحليل، وتتطلب توازناً جيداً بين العنصر الفني والعنصر العقلاني. من خلال تطوير هذه المهارات، يمكنك إنتاج مقالات ذات جودة عالية وقوة إقناع تلهم القراء وتثري المعرفة.

قال المزي -رحمه الله تعالى- في (تهذيب الكمال): (روي عَنْ يَزِيد بْن مجالد المعبر، قال: سمعت يحيى بْن مَعِين يَقُول: إذَا كَتَبْتَ فَقَمِّشْ، وَإِذَا حَدَّثْتَ فَفَتِّشْ!)([1]).

فالكاتب حينما يريد أن يكتب في موضوعٍ ما، عليه أن يجمع كل ما يتعلق بهذا الموضوع، ثم إذا سنَّ قلمه للكتابة فعليه أن ينتقي أفضل ما قرأ، ويجمع شوارد الأفكار، وكرائم المعاني.

إرشادات في صياغة المقال:

فدونك أخي القارئ بعض الإرشادات التي قد تسهم -بمشيئة الله تعالى- في صياغة مقالات تجمع بين الإبداع والتحليل:

  • ابدأ بالقراءة: قراءة مقالات أخرى في مجال اهتمامك أو تخصصك يمكن أن يزيد من معرفتك ومفرداتك ويعطيك أمثلة وأفكاراً جديدة، فقد كان الأديب الرافعي إذا جمع أشتات موضوعٍ ما ليكتب عنه، توقف وطوى وريقاته ساعة ورجع إلى أي كتاب من كتب العربية يقرأ منه صفحات كما اتفقت لإمام من أئمة البيان العربي، فيعيش وقتًا ما قبل أن يكتب في بيئة عربية فصيحة اللسان.
  • حاول قراءة مقالات مختلفة في الأسلوب والمستوى والمصدر، وانتقدها بشكل بنّاء، ما الذي أعجبك أو لم يعجبك فيها؟ ما الذي كان واضحاً أو غامضاً فيها؟ ما الذي كان مقنعاً أو غير مقنع فيها؟
  • اختر موضوعاً محدداً ومهماً: عند اختيار موضوع لمقالتك، تأكد من أنه يلبي متطلبات الفئة المستهدفة، والغرض من الكتابة.
  • اختر موضوعاً يهمك ويثير فضولك، ويكون محدداً ومركزاً وليس عاماً أو مبهماً.
  • ابحث عن موضوع يحتوي على مشكلة أو سؤال أو نقاش يمكنك الإجابة عليه أو حله أو المشاركة فيه.
  • اصنع خطة لمقالتك: قبل البدء في الكتابة، اصنع خطة تفصيلية لمقالتك تحدد فيها النقاط الرئيسية والفرعية والأمثلة والحجج التي تريد ذكرها، لكي تساعدك الخطة على تنظيم أفكارك وترتيبها بشكل منطقي ومتسلسل، كما تساعدك على تحديد الفجوات أو الضعف في موضوعك وتعديلها قبل الكتابة.
  • يمكنك استخدام أدوات مثل الخرائط الذهنية أو الرسوم البيانية لإنشاء خطة مرئية لمقالتك.
  • اكتب بلغة واضحة وسلسة: عند الكتابة، يُفضل استخدام لغة واضحة وسلسة تسهم في توصيل الفكرة بشكل فعّال.
  • احرص على استخدام مفردات مناسبة لموضوعك ومستوى القارئ، اختر كلمات سهلة الفهم ومألوفة للقراء، تجنب الكلمات الغامضة، أو المعقدة، أو المكررة، أو الاستخدام المفرط للمصطلحات الفنية إذا لم يكن ذلك ضرورياً.
  • اجعل الجمل قصيرة ومترابطة وواضحة: حاول تقديم الأفكار في جمل قصيرة ومباشرة، هذا يساعد القارئ على فهم المحتوى بسرعة.
  • استخدم الأمثلة والتوضيحات: عند شرح مفهوم معين، استخدم أمثلة وتوضيحات لتوضيح الفكرة، هذا يجعل النص أكثر وضوحاً وإيضاحاً.
  • تجنب التعقيدات اللغوية: تجنب الجمل المعقدة والتي تحتوي على العديد من الفعليات والأفعال المركبة، ابتعد عن الجمل الطويلة التي تصعب قراءتها.
  • احرص على التنويع في بناء الجمل والفقرات، وتجنب الإسهاب أو الإيجاز المخل.
  • استخدم الأقواس والفواصل، لتوضيح العلاقات بين الجمل والأفكار.
  • راجع وعدل مقالتك: بعد الانتهاء من الكتابة، راجع مقالتك بعناية وتأكد من أنها تتوافق مع الهدف والموضوع والفئة المستهدفة.
  • تأكد من أن مقالتك تحتوي على عناصر أساسية مثل المقدمة والمتن والخاتمة، وأنها تتبع هيكلاً منطقياً ومتسلسلاً.
  • تأكد من أن مقالتك تحتوي على حجج وأدلة علمية قوية ومدعومة بأمثلة ومصادر أصلية موثوقة.
  • مراجعة وتدقيق النص قبل تقديمه أو نشره، وتصحيح الأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية والمعنوية، والتأكد من تناسق واتساق النص.
  • اطلب من شخص متخصص أو مهتم بالموضوع قراءة مقالتك، وإعطائك رأيه أو اقتراحاته، أو ملاحظاته لتحسين المقال.

عند كتابة المقالات، يمكن الاستفادة من مجموعة واسعة من المصادر.

إليك بعض هذه المصادر:

  • للمبتدئين: خطوات تعلم كتابة المقالات باحترافية مقال يشرح بالتفصيل كيفية كتابة مقال احترافي، ويقدم نصائح وأدوات وأمثلة عملية.
  • كيف تكتب مقالا” دورة مقدمة على هذا الموقع ضمن أكاديمية مركز الثقافة العربية، تشرح خطوات كتابة المقال، وخصائص كل جزء فيه، مع تدريبات عملية.

مسك الختام:

إن فن كتابة المقالات يُعدُّ رحلة مُثرية تتجاوز حدود الكلمات والجمل، لتصل إلى عمق التجربة الإنسانية وتُعبر عنها. هذا الفن يتطلب من الكاتب أن يكون مُتمكنًا من أدواته، مُتقنًا للغته، ومُحلقاً في سماء الخيال، ليُنتج نصاً يُلامس القلوب ويُحرك العقول.

تُعتبر كتابة المقالات بمثابة جسر يصل بين الأفراد والثقافات، فهي تُتيح للكاتب أن يُشارك رؤيته للعالم، وأن يُسهم في تشكيل الوعي الجمعي. من خلال المقال، يُمكن للكاتب أن يُحلل قضية مُعاصرة، أو يُقدم تفسيراً لظاهرة مُعينة، أو حتى يُعرض حلاً لمشكلة مُلحة. وبذلك، يُصبح النص أداة للتغيير والتأثير.

الإبداع في كتابة المقالات لا يقتصر على اختيار الكلمات الرنانة أو الجمل البلاغية فحسب، بل يتعداه إلى قدرة الكاتب على تقديم المحتوى بطريقة تُثري القارئ وتُحفزه على التفكير والتأمل. يجب أن يكون النص مُحكم البناء، دقيق المعلومات، ومُقنعاً في حججه، ليُصبح مرجعاً يُعتمد عليه ومصدر إلهام.

عندما يكتب الكاتب مقالاً يحمل قيمة حقيقية، يكون قد أسهم في تعزيز الحوار البنّاء والنقاش الهادف. يُمكن للمقال أن يُسلط الضوء على قضايا مُغفلة، أو يُعيد تقييم مفاهيم راسخة، أو يُقدم منظوراً جديداً للأحداث. ومن هنا، يُصبح الكاتب مُؤثراً في مجتمعه، مُساهماً في تطويره وتقدمه.

وفي النهاية، يُعدُّ مسك الختام لأي مقال هو ترك أثرٍ في نفس القارئ، أثر يدوم ويُحفز على العمل والتفكير. فالكاتب الذي يُدرك أهمية كلماته ويُقدر تأثيرها، يكون قد أدى دوره بامتياز في المساهمة في تطور ذاته ومجتمعه، ويكون قد ترك بصمة لا تُمحى في سجل الثقافة الإنسانية.


[1] إذا كتبت فقمش، أي اكتب كل ما تسمع واجمعه؛ وإذا حدثت ففتش، أي ميّز وانتخب.