[ فعالية ]

بيان مسيرة داكا لأجل غزة – 2025

داكا

في الثاني عشر من شهر إبريل 2025 احتشد مئات الآلاف من البنغلاديشيين في العاصمة داكا تضامنا مع غزة، في أكبر مسيرة تشهدها البلاد من أجل فلسطين منذ سنوات. وتجمع المتظاهرون بعد مسيرات احتجاجية متنوعة في شوارع المدينة في حديقة سهروردي جنب جامعة دكا، وأصدروا بيانا مشتركاً أدانوا فيه التواطؤ الدولي مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وطالبوا بفتح المعابر وإيصال المساعدات لسكان غزة، وإعانة الجرحى منهم، ودعوا ساسة بلادهم والدول العربية والإسلامية إلى حضور أكبر في الشأن الفلسطيني دفاعا عن الشعب الفلسطيني المحاصر. كما أدان البيان الضغوط والانتهاكات التي تمارسها السلطات الهندية ضد الأقليات المسلمة، والتدخل في قوانين الوقف والأحوال الشخصية التي تحصن حقوق المسلمين في الهند. وفيما يلي نص البيان الذي صدر عن القوى المحتشدة:

نبدأ باسم الله القوي العزيز الحكم العدل، الذي ينصر المظلومين ويحدد مصير الظالمين.

نحن شعب بنغلاديش اجتمعنا اليوم – الشعب الذي يعرف تاريخ القمع ويحمل روح الاحتجاج- للوقوف إلى جانب شعب غزة الأبيّ. إن مظاهرة اليوم ليست مجرد احتجاج؛ بل هي بياننا والتزامنا للتاريخ، وحلف يمين ووثيقة تعهد.

ومن خلال هذه المسيرة والتجمع الجماهيري اليوم سنقوم بطرح مطالبنا على أربعة مستويات:

المطالب الأولى إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي:

ولما كانت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تظهر عزيمتهما على حماية حقوق جميع الشعوب، ومنع الاحتلال والإبادة الجماعية؛ ولقد رأينا أن سفك الدماء والدمار الذي يحدث كل يوم في غزة؛ ليس نتيجة فشل أيّ حكومةٍ بمفردها، بل هو نتيجة لفشل دولي، ولا يقتصر هذا الفشل على الصمت فحسب، بل ساهمت العديدُ من القُوى الغربية في استمرار هذه الإبادة الجماعية؛ من خلال توفير الأسلحة والذخائر والمال والدعم الدبلوماسي بشكل مباشر لدولة إسرائيل المحتلة؛ ويتنافس هذا النظام العالمي على حماية دولة إسرائيل المحتلة، بدلاً من الإدانة لها. ولذلك فإننا نطالب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بقوة:

1. يجب ضمان محاكمة السلطات الإسرائيلية الصهيونية مرتكبي الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية في المحكمة الجنائية الدولية.

2. ليس وقف إطلاق النار فقط، بل يجب اتخاذ إجراءات فعالة ومتضافرة لوقف الإبادة الجماعية.

3. يجب إنشاء الالتزام بإعادة الأراضي الفلسطينية التي كانت قائمة قبل عام 1967.

4. يجب الاعتراف الدولي بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية الحرة.

5. يجب رسم الطريق أمام الفلسطينيين لترسيخ حق الحرية والأمن وتقرير المصير وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية.

لأن النظام العالمي يرتدي حاليًا قناع العدالة، وقد سقط هذا القناع تحت أنقاض غزة.

المطالب الثانية إلى قادة الأمة الإسلامية:

وبما أننا نؤمن بأن فلسطين ليست مجرد أرض؛ بل هي جزء من هوية الأمة الإسلامية؛

– وأن غزة لم تعد مجرد مدينة دمرتها الحرب، بل أصبحت انعكاسا مؤلما لإخفاقاتنا الجماعية؛

– وهي أمانة ملقاة على عاتق كل فرد من أفراد الأمة، وكل دولة، وكل قيادة، -التي تربطها أواصر الأخوة والمسؤولية – من عند الله؛

– وأن إسرائيل هي دولة غير شرعية، محتلة، مجرمة حرب ومجازر همجية ولا إنسانية، استخدمت كل قواتها لمحو القبلة الأولى للمسلمين ووجود شعب بأكمله؛

– وأصبحت الهندوسية الهندية اليوم ممثلاً للمشروع الصهيوني في المنطقة، حيث تُواصل القمع والاضطهاد الشديد المخطط له ضد المسلمين الهنود؛

– وأن التدخل الأخير من الحكومة الهندية في تعديل قانون الوقف قد حرم المسلمين من حقوقهم الدينية والتاريخية – وهو ما يشكل تحذيراً واضحاً للأمة-؛

ولذلك فإننا نطالب بقوة حكومات العالم الإسلامي والمنظمات التي تمثل الأمة الإسلامية، مثل منظمة التعاون الإسلامي، بالتزام ما يلي:

1. يجب قطع جميع العلاقات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية مع إسرائيل على الفور.

2. يجب فرض حظر تجاري وعقوبات اقتصادية على الدولة الصهيونية.

3. يجب الوقوف إلى جانب الشعب المنكوب في غزة من خلال تقديم كل الدعم، بما في ذلك المساعدات الطبية والغذائية والإسكانية والدفاعية.

4- يجب إطلاق حملة دبلوماسية نشطة لإضعاف قوة إسرائيل على المستوى الدولي.

5- يجب على منظمة التعاون الإسلامي والدول الإسلامية أن تظهر احتجاجا قويا وتتخذ موقفا دبلوماسيا فعّالا ضد عدوان الحكومة الهندية الغاشمة – أنصار الطائفة الهندوسية المتطرفة، حليفة الصهيونية – ضد الأقليات المسلمة، وخاصة التدخل في تعديل قانون الوقف الحالي.

لأنه – قبل أن نخجل من الدماء التي سفكت في غزة – فإن الوقوف مع غزة هو السبيل الوحيد لحفظ كرامة الأمة. والقيادات التي تصمت اليوم ستضطر للوقوف أمام محكمة التاريخ غداً.

المطالب الثالثة إلى الحكومة البنغلاديشية:

– وبما أن جمهورية بنغلاديش دولة ذات أغلبية مسلمة، ويستند نضالها من أجل الاستقلال إلى روح المقاومة ضد الظلم؛

– ونحن نعتقد أن بنغلاديش تتمتع بمكانة تاريخية فيما يتعلق بقضية فلسطين، ليس فقط بالنسبة لحقوق الإنسان؛ بل وأيضاً بالنسبة لإخوة الإيمان؛

– وباعتبارها دولة ديمقراطية، فمن مسؤولية الحكومة أن تحترم التطلعات الدينية والأخلاقية للشعب؛

– ولقد تعهد شعب بنغلاديش بالوقوف إلى جانب غزة، وبالتالي فإن الصمت على مستوى الدولة يعادل احتقاراً لهذا التطلع الشعبي؛

ولذلك فإننا نطلب من حكومة بنغلاديش بقوة ما يلي:

1. يجب إعادة إدراج بند ‘Except Israel’ (“باستثناء إسرائيل”) على جوازات السفر البنغلاديشية، والتعبير بشكل أكثر وضوحًا عن الموقف الرسمي بعدم الاعتراف بإسرائيل كدولة.

2. يجب إلغاء جميع الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة مع أي مؤسسة إسرائيلية.

3. يجب اتخاذ تدابير فعالة لإرسال قوافل الإغاثة والمساعدات الطبية إلى غزة على المستوى الوطني.

4. يجب أن تتضمن جميع المؤسسات الحكومية وسياسات الاستيراد تعليمات صارمة بمقاطعة منتجات الشركات الصهيونية.

5. يجب أن يكون هناك احتجاج وطني ضد عدوان الحكومة الهندية الغاشمة – أنصار الطائفة الهندوسية المتطرفة – ضد الأقليات المسلمة وغير المسلمة، لأن الهندوسية المتطرفة ليست مجرد أيديولوجية محلية اليوم؛ بل هي إحدى حلفاء الكتلة الصهيونية الدولية.

6. يجب أن تتضمن الكتب المدرسية وسياسات التعليم العام تاريخ المسجد الأقصى ودولة فلسطين وحكايات مقاومة المسلمين الباسلة.

لكي تتمكن الأجيال المسلمة القادمة من النمو مع تاريخها وتقاليدها وهويتها الخاصة.

لأن الدولة ليست مجرد حدود، بل هي أمانة، والتاريخ لن يغفر لأي شخص يفشل في حماية هذه الأمانة.

المطالب الأخيرة هي مطالبنا الخاصة، والتي هي في الأساس بمثابة تعهد:

– وبما أننا نؤمن بأن القدس ليست مجرد مدينة، بل هي جزء من الإيمان؛

– ونحن نعلم أن تحرير بيت المقدس ليس بيد أحد غيرنا، بل سيتحقق بيد أحد أجيالنا؛

– ونحن ندرك أن نشأة الصهيونية هي في الأساس نتيجة نسياننا لهويتنا؛

– وإذا لم نكن مستعدين اليوم، – لا قدر الله – قد يصيب أطفالنا غدًا في بنغلاديش ما أصاب أهل غزة، حيث تقوم أنصار الطائفة الهندوسية المتطرفة وحليفتها الصهيونية بإنشاء غزة جديدة فيها؛

– وغزة هي مرآة لنا، حيث تعكس لنا كيف أن الإيمان لا يعني فقط البقاء على قيد الحياة، بل المثابرة في النضال؛

لذلك – نحن شعب هذه الأرض، ومواطني هذه الأرض الإسلامية، وأبناء هذه الأمة، وفوق كل ذلك أعضاء الأمة الإسلامية – نتعهد بما يلي:

1. سنقوم جميعاً – وبقوة – بمقاطعة كل منتج، وشركة، وقوة تعمل على مساندة الاحتلال الإسرائيلي.

2. سنعمل على إعداد مجتمعنا والأجيال القادمة – الذين سيحافظون على جميع رموز وشعارات الإسلام والأمة الإسلامية، ويعيدونها إن شاء الله.

3. سنربي أطفالنا ليكونوا مستعدين للتضحية القصوى بحياتهم وممتلكاتهم من أجل حماية مبادئهم وأراضيهم.

4. لن ننقسم ولن نختلف – لأننا نعلم أنه من السهل جداً تولى زمام الأمور لشعب منقسم.

سنبقى متحدين حتى لا تصبح بنغلاديش قطاع غزة التالي لأي مشروع هندوسي متطرف، وسوف نبدأ من منازلنا – اللغة والتاريخ والتعليم والثقافة والاقتصاد والمجتمع – من خلال ترك بصمة هذا الالتزام في كل مكان.

سوف نتذكر: شهداء غزة لا يريدون دعائنا فقط، بل يريدون استعدادنا أيضًا.

وختاماً:

السلام على أهل غزة الكرام،

على الذين استقاموا مصابرين، والذين أظهروا أدلة واضحة على إيمانهم الثابت.

الذين أشعلوا نار المقاومة وسط الأنقاض، وأخفوا في قلوبهم ألم صمت العالم المخزي بابتسامات جميلة…

السلام على من ترك اسمه في سجل الشرف.

السلام على كل الشهداء، ومنهم هند رجب، وريم، وفادي أبو صالح، وكل من زادت دماؤهم الطاهرة قدسية أرض غزة العزة، وأشاعت عيونهم شعلة المقاومة.

السلام على أهل القدس الأبرار الذين لا يزال يتردد في قلوبهم الهتاف: القدس لنا! القدس لنا!

مبارك لأهل غزة…

لقد كتبتم قصيدة ملحمية عن الإيمان والصبر والتضحية، وأظهرتم للعالم قوة اليقين والتوكل والثقة،

نحن شعب بنغلاديش نقف هنا – من أرض شاه جلال وشريعة الله – ونبارك لكم، ونظهر حبنا لكم ونقدم تحياتنا لشهدائكم.

ونرفع أصواتنا بهذا الدعاء…

اللهم اجعل هذه المدينة الشجاعة غزة صخرة صلبة؛ تنهار تحتها كل مؤامرات الصهاينة.

بالنيابة عن جميع شعب بنغلاديش: حركة التضامن مع فلسطين – بنغلاديش.

التعريب: الفريق العلمي لمعهد النور للتعليم الأزهري.